الرجل رقم خمسة

أرجو أن أجد فسحة أنشر من خلالها بعض مقالاتي التي نُشرت أو تلك التي أرغب بنشرها أولا في منتداكم ..... زكريا النوايسة.

الرجل رقم خمسة


زكريا النوايسة
==========


وقفت منتظما فـي دور طويـل ،وأطلقت لعيني العنان تدور في المكان تكشف كثيـرا من المستور،هذا يلصق يده على جنبه بقوة ليستر بها تقبا فاضحا في قميصه ، وذاك يرفع يده في حركات متوالية نحو شاربه في محاولة محمومة لإخفاء شاربه الكث ، وثالث كان ينظر بأناقة نحو الناس وكأنه يغريهم بالنظر إلى شعر رأسه الأسود.
حدثت نفسي وأنا أحدق بالرأس المتغاوي هل يبحث هذا الرجل عن امرأة يغويها ؟ وفجأة داهمتني ضحكة مدوية حين انزاحت بضع خصلات من الرأس الأسود فرأيت طاوسا بكل الألوان أخضر، أحمر، أزرق، أبيض ، أصبحت أحصي الألون بشكل هستيري وعدوى الضحك تمتد في المكان لتصيب بعض المارة ممن أثارهم الفضول،وفي الأثناء ينطلق صوت زاجر أنت ، أنت رقم خمسة انتظم بالدور دون ضجيج ، قمعني هذا الصوت فعدت ساكنا إلا من عين تجيد التفتيش في الأرجاء عن شيء يثير فضولها.


خرجت وأنا أحمل تساؤلا : ماذا يعني برقم خمسة ،عيني تطالع الأجساد المنتظمة بالدور والعين الأخرى ترقب الباب الذي أسلمني إلى الشارع .
تمر سيارة تقف بجانبي يخرج السائق رأسه ينظر في وجهي،وعلى شفتيه ابتسامة باهتة يهز رأسه كمن يأسف لشيء وهو يتمتم: رقم خمسة لا حول ولا قوة إلا بالله.

تنطلق السيارة وأنا ما زلت مسكونا بدهشة كبيرة من حال السائق معي ، رقم خمسة .. رقم خمسة ،ماذا يريد الرجل مني؟! مددت يدي إلى جبهتي حيث كانت معلقة عين السائق ، فندّ مني صوت مسموع : يا للهول ، ما هذا؟ رقم بارز محفور على الجبهة ،تحسسته أكثر ، نعم خمسة ،رقم خمسة ، بكيت صرخت أطلقت رجلي للريح ويدي تضغط بقوة على البروز .

ألصقت ظهري للحائط متواريا عن العيون المنقبة عن بروزي اللعين ، اصوات قريبة تغري أذني بالإنصات .
أحدهم يحدث رفيقه : رأيته اليوم على ناصية الشارع وهو يتحسس جبينه الموسوم.
قال الآخر وقد رفع صوته بشكل يوحي بمفاجأة : ليس هو فقط ،أنت كذلك جبينك يحمل رقما ، أنت رقم ستة.
يرفع رفيقه يده ليتحسس رقمه المحفور ووجهه لا يخلو من وجوم ، يلتفت وينظر في وجه محدثه فيبدل وجومه بضحكة مجلجلة وهو يقول: رقم سبعة ..رقم سبعة .
تنتابي بعض الشجاعة فتدفعني لأبدي رأسي وأنا أراقب الموقف ، ازددت شجاعة فاقتربت قليلا نظرت في الوجوه قرات رقم ستة ، رقم سبعة ، حولت رأسي في اتجاه آخر ، أتفحص الرؤوس المتمايلة وأنا أقرأ رقم ثمانية ،تسعة ،عشرة ،أحد عشر....
الشوارع تتحول الى سيل من أرقام غير آبهة ببروزها ، تراخت يدي المشدودة على جبيني ،ضحكت،ازداد ضحكي أكثر ليصبح قهقهة ملفتة ،تقدمت من السيل المتلاطم انسللت فيه رقما غير آبهٍ ببروزه.